
الساعة اللغز من الترميم إلى المزادات العالمية مرورا بقطر
فاروق مقبل الكمالي
-----------------------------
نشر حساب للصحفي محمد الخامري على منصة إكس صورة لساعة ذهبية قديمة كُتب عليها: "الإمام أحمد ملك اليمن"، مع معلومات تشير إلى أنها بيعت مؤخرا في مزاد أوروبي بمبلغ 26 ألف يورو، فما قصة الساعة؟
ثلاث بيعات خلال خمس سنوات
تتبعت منصة "يوب يوب" تاريخ الساعة في المزادات العلنية، وتبيّن أن هذه ليست المرة الأولى التي تُعرض فيها الساعة للبيع، بل هي المرة الثالثة خلال خمس سنوات.
البيع الأول: مزاد فيليبس – هونغ كونغ
بحسب البيانات التاريخية من دار المزادات العالمية "فيليبس"، تم بيع الساعة لأول مرة في مزاد الساعات الحادي عشر في هونغ كونغ بتاريخ 29 نوفمبر 2020، مقابل 126 ألف دولار هونغ كونغ.
لا توجد معلومات علنية متاحة حول هوية المشتري في مزاد هونغ كونغ، كما لا تتوفر تفاصيل عن مصدر الساعة أو كيفية وصولها إلى السوق العالمية، خاصة في ظل استمرار عمليات الاتجار بالآثار والمقتنيات التاريخية في اليمن بسبب الصراع المستمر على ما يحتمله مهتمون من اعتقاد أن تكون الساعة مسروقة من المتحف الوطني في تعز عام 2016.
غير أننا لم نتمكن من العثور على الساعة بشكلها هذا ضمن قائمة منهوبات المتحف المعلنة رسميا من الهيئة العامة للآثار والمتاحف بل تضم القائمة ساعات جيب ذهبية كلاسيكية فاخرة تحمل علامة تجارية مكتوبة في الغطاء الداخلي العلوي: UNIVERSAL GENÈVE، وهي نفس العلامة للساعة المعروضة.
الساعة في قطر
أثناء مواصلة البحث عن الساعة في المزادات العالمية، ظهرت معلومات على أحد المواقع المتخصصة بالبيع موقع hairspring، الذي كشف في أكتوبر 2021 أن الساعة معروضة للبيع من قِبل تاجر متخصص في القطع النادرة في قطر بسعر84,500 ريال قطري ما يعادل حينها 23 ألف دولار أمريكي، فهل هو من قام بشرائها من مزاد هونغ كونغ؟ أم أنها نسخ أخرى للساعة؟
وفقًا للموقع فإنه يمكن الوصول إلى صفحة الساعة المعروض ضمن غرفة المقتنيات النادرة The Rare Room ، وهو محل يظهر في بيانات جوجل أنه يقع في فندق فور سيزونز الدوحة لكننا لم نعثر على بيانات الساعة على الرغم من وجود بيانات كافة الساعات التي تم بيعها في هذه الغرفة وبمزيد من البحث وجدنا أن الصورة مازالت موجودة على صفحة المتجر على تطبيق إنستغرام على الرابط https://archive.is/emAMd
البيع الثالث: مزاد "هينريز" في ألمانيا
بعد نحو خمس سنوات من البيع الأول، عُرضت الساعة مؤخرًا في مزاد علني نظمته دار Henry's في ألمانيا بتاريخ 21 يونيو 2025. ووفقًا للمعلومات، فقد بيعت الساعة هذه المرة مقابل 20 ألف يورو فقط وهو ما تناوله الخامري في منشوره.
الساعة في سوق الصيانة
تثير عملية البيع الثانية والثالثة وظهور الساعة في السوق العالمية الكثير من التساؤلات حول مصدر الساعة. وعلى الرغم من عدم الوصول إلى بيانات في هذا الجانب، فقد قاد المزيد من البحث، واستخدام آلية البحث العكسي، إلى معلومات مهمة عن ظهور الساعة في الأسواق قبل عرضها في المزادات.
إذ عثرنا على صورة للساعة في صفحة استرالية تسمى بيركيت واتش أستراليا في منصة فيس بوك وتعّرف نفسها أنها صفحة مجوهرات / ساعات أُطلقت في أكتوبر 2013 لمتجر متخصص بترميم الساعات النادرة والفاخرة، ومقره في مدينة أديليد، أستراليا.
بالبحث في الصفحة اكتشفنا أن الساعة لم تكن بحالتها الأصلية، وأنها خضعت سابقًا لعملية ترميم وإصلاح. ففي 9 يونيو 2017 نشرت الصفحة صورة الساعة، مشيرة إلى أنها خضعت للترميم ، دون توضيح لطبيعة الترميم ونوعه.
كما نشرت الصفحة في نفس اليوم (الجمعة 9 يونيو 2017) منشورين متتاليين بفارق زمني قصير، تضمّنا صورة للساعة ومنشور عنها جاء فيه: " ساعة عيار يونيفرسال جينيف ٢١٥ مزود بدوار دقيق، أو ميكروتور كما هو مختوم من قبل الشركة المصنعة، خضعت للصيانة حديثًا، مع
آلية حركة JLC Memovox في الخلفية، وسيتم تركيبها لاحقًا" والتي قد تشير إلى إصلاح صوت الحركة".
لاحقًا، وخلال وقت قصير، نُشر منشور آخر يشير إلى نفس عيار الساعة المذكور في المنشور السابق، وظهرت فيه صورة الساعة بالشكل المعروف حاليًا.
وهو ما يُؤكد أن الساعة نُقلت أولًا إلى أستراليا للترميم والإصلاح، قبل أن تُعرض في المزاد العالمي الحادي عشر في هونغ كونغ عام 2020. لكن يبقى السؤال الأهم: كيف خرجت الساعة من اليمن؟